Markets.com Logo

تهديدات ترامب بفرض عقوبات نفطية على روسيا: السوق متشائمة والسبب؟

4 min read

تهديدات ترامب بعقوبات نفطية روسية: هل هي مجرد تكتيك تفاوضي؟

هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات ثانوية تهدف إلى قطع عائدات النفط الروسية، مما قد يوجه ضربة قوية لمالية موسكو. ومع ذلك، يبدو أن السوق متشائمة بشأن تنفيذ هذه التهديدات، معتقدة أن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وهو ما لا ترغب واشنطن في حدوثه.

أصدر ترامب هذا التحذير خلال اجتماع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روت، في البيت الأبيض، قائلاً إنه سيفرض تعريفات "قاسية للغاية" على روسيا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع الأوكراني في غضون 50 يومًا. وعلى الرغم من أن ترامب لم يكشف عن التفاصيل، إلا أن مسؤولاً في البيت الأبيض أشار لاحقًا إلى أن العقوبات الجديدة ستشمل تعريفة بنسبة 100٪ على البضائع الروسية المستوردة إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تعريفة ثانوية بنسبة 100٪ على الدول التي تشتري النفط الروسي. إذا تم تنفيذها، فإن هذه العقوبات ستمثل تصعيدًا كبيرًا للحرب الاقتصادية التي تشنها الدول الغربية على روسيا منذ بداية الصراع في أوكرانيا في فبراير 2022.

لكن يبدو أن المتداولين في سوق النفط لا يأخذون هذه التهديدات على محمل الجد. فبعد إعلان ترامب، انخفضت أسعار النفط بالفعل بأكثر من دولار واحد، مما يشير إلى أن المستثمرين يعتقدون أن احتمالية وفائه بتهديداته ضئيلة. ويعود ذلك إلى أن فرض عقوبات ثانوية فعالة على النفط الروسي من قبل الولايات المتحدة قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة العالمية، مما يزيد من التضخم ويضر بالمستهلكين الأمريكيين - وهو أمر لا يرغب ترامب في رؤيته.

في الواقع، يبدو أن المستثمرين يعتقدون أنه كلما كان تهديد ترامب متطرفًا، كلما قل احتمال تحقيقه. قد يكون هذا رهانًا معقولًا، لكنه ينطوي على مخاطر.

النفط الروسي: لاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمية

بالنسبة لروسيا، فإن المخاطر في سوق الطاقة كبيرة للغاية. روسيا هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وبلغ إنتاجها اليومي من النفط 9.8 مليون برميل في يونيو، وهو ما يمثل ما يقرب من عُشر الإمدادات العالمية. ووفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، بلغت صادرات روسيا اليومية من النفط الخام 4.68 مليون برميل في يونيو، في حين بلغت صادرات المنتجات المكررة 2.5 مليون برميل، بقيمة إجمالية قدرها 13.6 مليار دولار. وتعتبر الصين والهند وتركيا من المشترين الرئيسيين للنفط الخام الروسي.

في السنوات الأخيرة، شكلت الضرائب المتعلقة بالنفط والغاز وضرائب التصدير ما بين 30٪ و 50٪ من الميزانية الفيدرالية الروسية، مما يجعلها أهم مصدر نقدي للكرملين.

منذ عام 2022، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا، وأوقفوا معظم مشترياتهم المباشرة من النفط الروسي. وكان لهذا تأثير كبير على أوروبا على وجه الخصوص: قبل الصراع الأوكراني، كان ما يقرب من ثلث النفط الأوروبي يعتمد على روسيا، في حين انخفضت حصة النفط الخام الروسي في الواردات الأوروبية إلى أقل من 5٪.

تأثير العقوبات الحالية وتحديات التنفيذ

تجدر الإشارة إلى أن الحكومات الغربية كانت حريصة عند صياغة هذه العقوبات لتجنب إحداث صدمات سعرية كبيرة. وتشمل التدابير الحالية عقوبات على ناقلات النفط الروسية، بالإضافة إلى تحديد سقف لسعر النفط الخام الروسي يبلغ 60 دولارًا للبرميل، وتجاوز هذا السعر يعتبر انتهاكًا للعقوبات. ويدرس الاتحاد الأوروبي حاليًا مجموعة جديدة من العقوبات، والتي من شأنها خفض سقف الأسعار والتوقف عن استيراد جميع أنواع الوقود الأحفوري من روسيا بحلول عام 2027.

لقد أضرت العقوبات الحالية بالفعل بإيرادات الكرملين، لكن تنفيذها يمثل تحديًا كبيرًا. فقد قامت موسكو ببناء "أسطول ظل" ضخم، يقوم بنقل النفط إلى جميع أنحاء العالم من خلال قنوات تمويل وتأمين غير غربية.

وفي الوقت نفسه، تستفيد مصافي التكرير في البلدان التي تستورد النفط الخام الروسي حاليًا من المواد الخام الرخيصة. ومن المفارقات أن هذه البلدان قادرة أيضًا على زيادة صادراتها من الوقود إلى أوروبا، حيث تسعى أوروبا إلى بدائل للإمدادات الروسية المباشرة.

لذلك، فإن فرض تعريفات ثانوية على النفط الخام الروسي قد يضعف قدرة روسيا على التحايل على العقوبات الحالية، مما يقلل بشكل كبير من صادراتها النفطية.

ومع ذلك، يبدو أن السوق لا تزال تعتقد أن تهديد ترامب الأخير ليس سوى تكتيك تفاوضي - فهو يحاول الضغط على بوتين لإجباره على الموافقة على وقف إطلاق النار.

معضلة جديدة في توقعات سوق الطاقة

إن رد الفعل الفاتر من قبل المتداولين على تهديد ترامب الأخير يسلط الضوء على مدى اختلاف وتحدي التنبؤات في سوق الطاقة خلال فترة ولاية ترامب الثانية. فعادةً ما تعتمد التنبؤات في الأسواق المادية مثل النفط والغاز على ظروف العرض والطلب الفعلية. صحيح أن معنويات المستثمرين لها تأثير، لكنها عادة ما تكون أقل أهمية بكثير من أسواق الأسهم.

ولكن في الوقت الحاضر، غالبًا ما يضطر المستثمرون إلى تخمين ما إذا كانت تصريحات الرئيس الأمريكي، التي غالبًا ما تكون مبالغة، ليست سوى أداة تفاوضية (كما يبدو الحال مع تعريفة "يوم التحرير" في 2 أبريل)، أو ما إذا كانت ستتحقق بالفعل (مثل الضربة الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية). والأمر الأكثر تعقيدًا هو أن رد فعل السوق نفسه قد يؤثر على قرار ترامب النهائي.

قد تكون هذه البيئة المتقلبة مواتية للمتداولين الذين يفضلون المخاطرة، ولكن بالنسبة للآخرين، ستكون صعبة للغاية.


تحذير من المخاطر وإخلاء المسؤولية:هذه المقالة تعبر عن آراء الكاتب فقط، وهي للإطلاع فقط، ولا تشكل نصيحة استثمارية أو توجيهًا ماليًا، ولا تعكس موقف منصة Markets.com. تتضمن تداول عقود الفروقات (CFDs) مخاطر عالية وتأثير رافعة مالية كبيرة. نوصي باستشارة مستشار مالي محترف قبل اتخاذ أي قرارات تداول، لتقييم وضعك المالي وقدرتك على تحمل المخاطر. أي عمليات تداول تتم بناءً على هذه المقالة تكون على مسؤوليتك الخاصة.

أخبار ذات صلة