مقدمة
في خطوة مفاجئة، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، في مقامرة تهدف إلى دعم سوق العمل المتعثر مع الحفاظ على التضخم تحت السيطرة. هذه الخطوة تأتي في ظل تزايد المخاوف بشأن ضعف سوق العمل، على الرغم من استقرار معدلات البطالة وانخفاض معدلات التسريح في معظم فترات العام الماضي.
سوق العمل في مفترق طرق
وصف باول سوق العمل الحالي بأنه "توازن غريب"، وكشف عن قلق متزايد داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن آفاق التوظيف. على الرغم من أن البيانات الرسمية قد لا تعكس الصورة الكاملة، إلا أن هناك علامات مقلقة تشير إلى تباطؤ في وتيرة التوظيف. الشركات أصبحت أقل حماسة للتوظيف، ويواجه الداخلون الجدد إلى سوق العمل صعوبات في العثور على وظائف مناسبة. هذا التباطؤ يثير تساؤلات حول مدى استدامة النمو الاقتصادي الحالي.
التعريفات الجمركية ودور الاحتياطي الفيدرالي
يشير سكوت أندرسون، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك مونتريال كابيتال ماركتس، إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة هو مساعدة الشركات على التعامل مع تأثيرات التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب. يرى أندرسون أن باول يرسل إشارة واضحة للشركات مفادها أنه يمكنها المضي قدمًا في خططها الاستثمارية والاستمرار في الإنفاق وتجنب عمليات التسريح الجماعي. بالإضافة إلى ذلك، يشير أندرسون إلى أن باول ألمح إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قادر على التعرف على الزيادات في الأسعار الناجمة عن التعريفات الجمركية، وهو موقف يعتبره منطقيًا.
تأثير محدود ولكن إيجابي
تتفق نانسي فاندنهوتن، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس، مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لن يغير مسار الاقتصاد بشكل جذري، ولكنه قد يكون له تأثير إيجابي على تعزيز ثقة السوق. وتضيف فاندنهوتن أن الدعم الصريح الذي أظهره باول لخفض أسعار الفائدة في خطابه في جاكسون هول كان مفاجئًا، وتعتبر أن تقرير الوظائف لشهر يوليو كان نقطة تحول حاسمة في تغيير موقف الاحتياطي الفيدرالي.
تعديل البيانات يثير القلق
كشف تقرير الوظائف المعدل عن تباطؤ حاد في نمو الوظائف، حيث بلغ متوسط الوظائف الجديدة المضافة شهريًا 35 ألف وظيفة فقط منذ يونيو، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 168 ألف وظيفة في عام 2024. هذا التعديل أثار قلقًا بالغًا داخل الاحتياطي الفيدرالي ودفع إدارة ترامب إلى إقالة كبير الإحصائيين في وزارة العمل.
مهمة مزدوجة في ظل التحديات
يواجه الاحتياطي الفيدرالي مهمة مزدوجة تتمثل في كبح التضخم والحفاظ على صحة سوق العمل. قرار البيت الأبيض بفرض تعريفات جمركية على السلع المستوردة يزيد من تعقيد تحقيق هذين الهدفين. من الناحية النظرية، كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد صرحوا سابقًا بأنه في حالة وجود تضخم مرتفع وضعف اقتصادي في نفس الوقت، يجب تحديد الهدف الذي انحرف عن مساره الطبيعي بشكل أكبر. وفقًا لهذا المنطق، يجب على الاحتياطي الفيدرالي إعطاء الأولوية للسيطرة على التضخم والحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة. لكن خطاب باول قلب هذا السيناريو رأسًا على عقب، حيث أوضح أن الاحتياطي الفيدرالي يعتقد أن سوق العمل بحاجة إلى "مساعدة عاجلة".
مخاطر متزايدة في سوق العمل
حذر باول من أن "المخاطر السلبية في سوق العمل آخذة في الارتفاع. وبمجرد تحقق هذه المخاطر، فقد تتدهور بسرعة في شكل تسريح العمال وزيادة معدلات البطالة". يرى جوناثان ميلر، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في بنك باركليز، أن السبب الرئيسي وراء جرأة باول في إرسال إشارة التحول هو عدم وجود علامات على ضيق سوق العمل، وعدم وجود قوة تفاوضية لدى العمال لدفع الأجور إلى الارتفاع.
غياب دوامة الأجور والأسعار
من المعروف أن أحد أكبر مخاطر التضخم يأتي من "دوامة الأجور والأسعار"، حيث يطالب العمال بزيادة الأجور مما يدفع الشركات إلى رفع الأسعار. لكن ميلر يشير إلى أنه "لا توجد حاليًا سوى علامات قليلة على تسارع الأجور". على الرغم من أن قيود الهجرة قد تسببت في نقص العمالة في بعض الصناعات، إلا أن هذا التأثير يقتصر على عدد قليل من المجالات.
مستقبل أسعار الفائدة
يرى ميلر أن وتيرة خفض أسعار الفائدة في بقية عام 2025 وعام 2026 ستعتمد على التغيرات في معدل البطالة في الأشهر المقبلة. وتؤكد فاندنهوتن أن باول سيصر على موقفه القائل بأن "خفض أسعار الفائدة ليس لتحفيز الاقتصاد". وتضيف أن نطاق أسعار الفائدة الحالي البالغ 4.25٪ -4.5٪ لا يزال أعلى من مستوى الدورة الاقتصادية الطبيعية.
تحذير بالمخاطر: تعكس هذه المقالة وجهات نظر الكاتب الشخصية فقط، ولا تمثل سوى مصدر مرجعي. كما أنها لا تُعَد نصيحة استثمارية أو توجيهًا ماليًا، ولا تُعبّر عن موقف منصة Markets.com.عند التفكير في تداول الأسهم، ومؤشرات الأسهم، والفوركس (العملات الأجنبية)، والسلع، والتنبؤ بأسعارها، فتذكر أن تداول عقود الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطرة وقد ينتج عنه تكبد خسائر فادحة.أي أداء في الماضي لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. المعلومات المقدمة هي لأغراض معلوماتية فقط، ولا تشكل مشورة استثمارية. تداول عقود فروقات العملات الرقمية ومراهنات فروقات الأسعار محظور لكل العملاء الأفراد في بريطانيا.