على مدار أكثر من عامين، استحوذ الذكاء الاصطناعي على اهتمام المستثمرين كواحد من أبرز الاتجاهات التكنولوجية. تتمتع هذه التقنية بقدرات هائلة تتيح للأنظمة التفكير والعمل، بل وربما تطوير مهارات جديدة دون تدخل بشري، مما يجعل إمكانياتها تبدو بلا حدود. وفقًا لتقرير "تحديد الجائزة" من شركة PwC، يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بإضافة 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، من خلال تحسين الإنتاجية وتأثيرات الاستهلاك المتنوعة.
في هذا السياق، برزت شركة نفيديا (NVIDIA) كلاعب رئيسي في سوق الذكاء الاصطناعي، مستفيدة من الطلب المتزايد على وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) التي تشغل مراكز البيانات عالية الأداء. فقد سيطرت وحداتها من نوع "هوبر H100" ومعمارية "بلاكويل" على حصة سوقية شبه احتكارية، مدعومة بنقص في المعروض وطلب هائل، مما منح الشركة قدرة تسعيرية استثنائية. ونتيجة لذلك، سجلت نفيديا هامش ربح إجمالي وفق المعايير المحاسبية (GAAP) بلغ 78.4% في الربع الأول من السنة المالية 2025 (المنتهي في 28 أبريل 2024).
لكن، خلال الأسبوع الماضي، بدأت نغمة التفاؤل في وول ستريت تجاه هذا العملاق التكنولوجي تتراجع، مما قد يكون مؤشرًا على بداية مرحلة صعبة.
شهد الأسبوع الماضي موجة من خفض توقعات أسعار أسهم نفيديا من قبل عدد من المحللين في وول ستريت، وهي خطوة تعكس تغيرًا في نظرتهم طويلة الأجل للشركة. من بين هؤلاء:
جاءت هذه التعديلات بعد إفصاح نفيديا في 15 أبريل عن مخاطر محتملة تصل إلى 5.5 مليار دولار مرتبطة بتصدير رقائقها عالية الأداء "H20" إلى الصين، حيث ستحتاج إلى ترخيص خاص للتصدير إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. هذا الإفصاح لم يكن مفاجئًا تمامًا، إذ سبق أن فرضت إدارة بايدن قيودًا صارمة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين، بما في ذلك رقائق A800 وH800 التي طورتها نفيديا خصيصًا لهذا السوق.
يكشف هامش الربح الإجمالي لنفيديا عن قصة أعمق. فقد مكّن الطلب الاستثنائي ونقص المعروض الشركة من تسعير رقائق "هوبر" بأكثر من 40 ألف دولار في بداية العام الماضي، مما أدى إلى هامش ربح بلغ 78.4%. لكن هذا الهامش بدأ يتراجع تدريجيًا في الأرباع اللاحقة:
يعكس هذا الانخفاض زيادة المنافسة في مراكز البيانات المعززة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب تراجع ندرة رقائق الذكاء الاصطناعي. التهديد الأكبر لا يأتي فقط من المنافسين المباشرين، بل من عملاء نفيديا الرئيسيين، مثل أعضاء "السبعة الرائعة"، الذين بدأوا في تطوير رقائق ذكاء اصطناعي داخلية خاصة بهم. هذه الرقائق، رغم أنها أقل كفاءة من منتجات نفيديا، إلا أنها أرخص بكثير ومتوفرة دون قوائم انتظار، مما يقلل من الاعتماد على نفيديا ويحد من قدرتها على التسعير.
تُعد دورة المنتجات مشكلة أخرى تواجه نفيديا. في القطاع التكنولوجي، يُعتبر الابتكار المستمر أمرًا حيويًا، وقد أثبتت رقائق "هوبر" و"بلاكويل" تفوقها في سرعة الحوسبة. هذا التفوق دفع مبيعات نفيديا السنوية من 27 مليار دولار في السنة المالية 2023 إلى أكثر من 130 مليار دولار في 2025.
لكن سرعة نفيديا في طرح منتجات جديدة قد تكون سلاحًا ذا حدين. بعد إطلاق "هوبر"، بدأت الشركة في طرح "بلاكويل" أواخر العام الماضي، وتخطط لإطلاق معمارية "فيرا روبين" في 2026، تليها "فيرا روبين ألترا" في النصف الثاني من 2027. هذا الإيقاع السريع يعني أن الرقائق الحالية تفقد قيمتها بسرعة، مما قد يثني العملاء، خاصة الكبار، عن الاستثمار في أحدث المنتجات.
علاوة على ذلك، من المرجح أن تتضاءل التحسينات في سرعة الحوسبة، وسعة الذاكرة، وكفاءة الطاقة مع مرور الوقت، مما يقلل من الحافز للعملاء لتحديث أجهزتهم سنويًا.
أخيرًا، يُظهر التاريخ أن الاتجاهات التكنولوجية الكبرى غالبًا ما تمر بفقاعات اقتصادية. منذ منتصف التسعينيات، شهدنا فقاعات في تقنيات مثل الإنترنت، وكلها بدأت بتوقعات متضخمة حول التبني المبكر وفوائد التقنية. الذكاء الاصطناعي لا يختلف؛ فبينما تستثمر الشركات بكثافة في هذا المجال، إلا أن معظمها لم يحقق عائدًا إيجابيًا بعد، وهي علامة على أن التف_SCROLLاوض المبالغ فيه قد يؤدي إلى انهيار الفقاعة.
نفيديا، التي استفادت أكثر من أي شركة أخرى من صعود الذكاء الاصطناعي، قد تكون الأكثر عرضة للضرر عند انفجار هذه الفقاعة. بينما تظل التكنولوجيا واعدة، إلا أن نضجها يتطلب وقتًا طويلًا، مما يعني أن التحديات أمام نفيديا قد تتفاقم قبل أن تتحسن.
عند النظر في الأسهم والمؤشرات والفوركس (العملات الأجنبية) والسلع للتداول والتنبؤ بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على مخاطر كبيرة وقد يؤدي إلى خسارة رأس المال.
الأداء السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. هذه المعلومات مقدمة لأغراض إعلامية فقط ولا يجب اعتبارها نصيحة استثمارية.