شهدت أسعار الذهب في الأيام الأخيرة تراجعاً ملحوظاً بسبب عدة عوامل اقتصادية تؤثر على السوق، أبرزها ارتفاع الدولار الأمريكي وعوائد السندات الحكومية الأمريكية. ومع استمرار حالة التفاؤل بشأن السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، واجه المعدن الأصفر ضغوطاً بيع قوية، مما دفعه إلى الانخفاض إلى أدنى مستوياته في عدة أسابيع.
في هذا المقال، سنناقش الأسباب وراء هذا التراجع في سعر الذهب وأثر العوامل الاقتصادية على هذا المعدن الثمين.
من أبرز العوامل التي أدت إلى تراجع سعر الذهب هو الارتفاع الكبير في قيمة الدولار الأمريكي. فقد شهد الدولار الأمريكي في الآونة الأخيرة زيادة قوية، حيث بلغ مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) أعلى مستوى له منذ بداية العام، متجاوزاً حاجز 107 نقاط. هذا الارتفاع في الدولار يجعل الذهب، الذي يُتداول بالدولار، أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يؤدي إلى تراجع الطلب عليه وبالتالي انخفاض أسعاره.
منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، تزايد التفاؤل بشأن السياسات الاقتصادية التي سيطبقها، والتي يُتوقع أن تدفع الاقتصاد الأمريكي نحو النمو. يرى البعض أن السياسات التي سيعتمدها ترامب، مثل خفض الضرائب وزيادة الرسوم الجمركية على الواردات، قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، مما يضغط على الاحتياطي الفيدرالي لوقف دورة تخفيض الفائدة. وبالتالي، فإن التوقعات بتراجع الفائدة في المستقبل قد تدفع الاستثمارات بعيداً عن الأصول غير المدرة للعوائد مثل الذهب.
في هذا السياق، فإن سياسات ترامب المرتقبة قد ترفع من توقعات التضخم في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يعزز من عوائد السندات الحكومية ويزيد من جاذبية الدولار. وهذا يجعل سعر الذهب أكثر عرضة للهبوط مع زيادة الطلب على الأصول ذات العوائد المرتفعة.
الأرقام الأخيرة الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي حول سعر الذهب والتضخم تشير إلى أن التضخم في الولايات المتحدة لا يزال مرتفعاً. حيث أظهر مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ارتفاعاً بنسبة 0.2% في أكتوبر، مما يعزز من احتمالات أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيف سياسة الفائدة في المستقبل القريب.
تسهم هذه التوقعات في دفع سعر الذهب إلى الهبوط، حيث يفضل العديد من المستثمرين تحويل أموالهم إلى أصول ذات عوائد ثابتة، مثل السندات الحكومية، مما يقلل من الطلب على الذهب. في هذا السياق، يتوقع الخبراء أن تستمر عوائد السندات في الارتفاع، مما يعزز من الضغط على أسعار الذهب.
من الناحية الفنية، يشير تحليل الرسوم البيانية إلى أن سعر الذهب قد يواجه المزيد من الانخفاضات في المستقبل القريب. فقد سجل المعدن الثمين تراجعاً ملحوظاً أدنى مستوى 2600 دولار، وهو ما يشير إلى بداية تراجع أكبر قد يصل إلى مستويات الدعم التالية عند 2542 و2538 دولاراً للأونصة.
تُعتبر هذه المناطق مناطق دعم رئيسية حيث يتقاطع فيها المتوسط المتحرك البسيط لـ100 يوم مع مستوى فيبوناتشي 50%، وفي حال كسر هذه المستويات، قد يتراجع سعر الذهب إلى 2500 دولار للأونصة، وهو مستوى نفسي قد يكون نقطة تحول رئيسية في الاتجاه.
على الرغم من التراجع الحالي في سعر الذهب، قد تظهر بعض المحاولات للتعافي في المستقبل القريب. لكن هذه المحاولات ستواجه مقاومة قوية بالقرب من مستوى 2580 دولاراً، وهو مستوى مهم للمستثمرين في السوق. وإذا نجحت أسعار الذهب في تجاوز هذا الحاجز، فإنها قد تشهد انتعاشاً نحو 2630-2632 دولاراً للأونصة، وفي حال تخطت هذه المنطقة، يمكن أن تواصل الصعود نحو 2660 دولاراً.
من العوامل الأخرى التي تؤثر على سعر الذهب هي حالة الأسواق المالية العالمية بشكل عام. في وقت يشهد فيه العديد من الأسواق العالمية حالة من التفاؤل، مع صعود أسواق الأسهم وارتفاع العوائد على السندات الحكومية، فإن الطلب على الذهب كملاذ آمن بدأ في التراجع.
هذا التراجع في الطلب على الذهب يساهم في دفع أسعاره إلى الانخفاض، خاصة في ظل المخاوف المستمرة بشأن التضخم وارتفاع العوائد على السندات.
تشهد أسعار الذهب تراجعاً ملحوظاً في الوقت الحالي، نتيجة لعدة عوامل اقتصادية أساسية، أبرزها ارتفاع الدولار الأمريكي، زيادة العوائد على السندات، والسياسات الاقتصادية المتوقع أن يتبناها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
في الوقت الذي يترقب فيه المستثمرون التطورات الاقتصادية المقبلة، فإن سعر الذهب يبقى عرضة للهبوط في حال استمرار هذه العوامل في التأثير على السوق.
عند النظر في الأسهم والمؤشرات والعملات الأجنبية والسلع للتداول والتنبؤات بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطر ويمكن أن يؤدي إلى خسارة رأس المال.
الإنجاز السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. يتم توفير هذه المعلومات لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي تفسيرها على أنها نصيحة استثمارية.