أهم العوامل التي تدفع أسعار الذهب للارتفاع وسط تصاعد التوترات التجارية

ارتفاع أسعار الذهب في ظل التوترات التجارية العالمية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات يوم الخميس الماضي، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط جديدة لفرض رسوم جمركية شاملة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. هذه الخطوة التي أعلن عنها ترامب تسببت في تصاعد حالة من عدم اليقين والقلق حول مستقبل الحرب التجارية العالمية، مما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا.

من المعروف أن الذهب يعتبر من الأصول التي تحظى بشعبية كبيرة في أوقات الأزمات الاقتصادية والتجارية، حيث يلجأ إليه المستثمرون لحماية أموالهم من التقلبات الحادة في الأسواق المالية. ومع تزايد التوترات العالمية، أصبح الذهب خيارًا استثماريًا جذابًا، مما دفع أسعار المعدن الأصفر للارتفاع بشكل ملحوظ في الأسواق العالمية.

العقود الآجلة للذهب تسجل مستويات قياسية جديدة

على صعيد العقود الآجلة، شهدت أسعار الذهب زيادة قوية، حيث سجلت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر أبريل ارتفاعًا بنسبة 0.55%، ما يعادل 16.7 دولارًا، ليصل سعر الأوقية إلى 2945.40 دولارًا، وهو مستوى قياسي جديد لم تشهده الأسواق من قبل. هذا الارتفاع يعكس تفاعل الأسواق مع الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على الثقة في الأسواق المالية، وبالتالي يدفع المستثمرين نحو الاستثمار في الذهب.

ومع تزايد حالة عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية الأمريكية، يبدو أن الذهب سيظل هو الخيار الأول للكثير من المستثمرين الذين يبحثون عن الأمان والاستقرار في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية. العديد من الخبراء يتوقعون أن تواصل أسعار الذهب ارتفاعاتها في الفترة المقبلة إذا استمرت التوترات التجارية والسياسية في التصاعد.

تراجع الدولار الأمريكي يعزز من جاذبية الذهب

في المقابل، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ، حيث سجل انخفاضًا بنسبة 0.55% ليصل إلى 107.33 نقطة في الساعة 10:44 مساءً بتوقيت مكة المكرمة. يعتبر هذا التراجع في قيمة الدولار أحد العوامل التي ساهمت في تعزيز جاذبية الذهب، حيث أن انخفاض قيمة الدولار يزيد من تكلفة شراء الذهب بالنسبة للمستثمرين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يرفع الطلب على المعدن الثمين.

ويعود هذا التراجع في الدولار إلى عدة عوامل، منها تزايد المخاوف من تأثيرات السياسات الأمريكية على الاقتصاد العالمي. كما أن التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة ودول أخرى تلعب دورًا في التأثير على ثقة الأسواق في الدولار كعملة عالمية رئيسية.

التحليل الاقتصادي وأثره على أسعار الذهب

من جانبه، أكد جيفري كريستيان، الشريك الإداري في شركة الأبحاث "سي بي إم جروب"، أن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الذهب يعود إلى حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي التي يعيشها العالم في الوقت الحالي. وقد أشار إلى أن الأوضاع السياسية في الولايات المتحدة وما يرتبط بها من تداعيات اقتصادية تساهم بشكل كبير في دفع الأسواق إلى التوجه نحو الذهب كملاذ آمن.

كما لفت إلى أن مؤشر أسعار المنتجين في الولايات المتحدة لم يكن له تأثير كبير على أسعار الذهب، على الرغم من أهمية هذا المؤشر في قياس التضخم ومراقبة مستوى الأسعار في الاقتصاد الأمريكي.

وتشير البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة إلى أن معدل التغير السنوي في أسعار المنتجين استقر عند 3.5% للشهر الثاني على التوالي في يناير، وهو مستوى يعكس استقرارًا نسبيًا في الأسعار. ولكن هذا الاستقرار لم يكن كافيًا لتهدئة المخاوف بشأن المستقبل الاقتصادي، خاصة في ظل السياسات التجارية التي قد تؤدي إلى زيادة التوترات بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين.

البيانات الاقتصادية الأمريكية وتأثيرها على السوق

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات الاقتصادية الأمريكية انخفاضًا في الطلبات الأولية لإعانات البطالة بمقدار 7 آلاف طلب، ليصل العدد إلى 213 ألف طلب خلال الأسبوع الماضي. هذا الانخفاض يأتي في وقت يسعى فيه الاقتصاد الأمريكي إلى تجاوز التحديات الناجمة عن الحرب التجارية والاضطرابات السياسية الداخلية. ومع أن هذا الرقم يعد إيجابيًا، إلا أنه لم يكن كافيًا للحد من المخاوف حول التأثيرات المستقبلية للرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي.

وقد كانت توقعات المحللين تشير إلى أن الطلبات الأولية لإعانات البطالة قد تصل إلى 215 ألف طلب، ولكن الأرقام الفعلية جاءت أقل من المتوقع، ما يشير إلى أن سوق العمل في الولايات المتحدة لا يزال يحقق استقرارًا نسبيًا رغم التحديات الأخرى.

توقعات المستقبل: استمرار الاضطرابات الاقتصادية وتأثيرها على الذهب

بينما يعكف الخبراء الاقتصاديون على تحليل التطورات الأخيرة، يتوقع العديد منهم أن تظل أسعار الذهب مرتفعة في المستقبل القريب. العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، بما في ذلك سياسة الرسوم الجمركية التي تتبعها الولايات المتحدة، ستستمر في لعب دور كبير في توجيه الأسواق نحو الذهب.

كما أن استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ودول أخرى، بالإضافة إلى المخاوف من تبعات هذه السياسات على النمو الاقتصادي العالمي، سيجعل الذهب خيارًا أكثر جاذبية للمستثمرين في الفترة القادمة. إذا استمرت هذه العوامل في التأثير على الأسواق، فإن الذهب قد يستمر في تحقيق مستويات جديدة من الارتفاع.

عند النظر في الأسهم والمؤشرات والعملات الأجنبية والسلع للتداول والتنبؤات بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطر ويمكن أن يؤدي إلى خسارة رأس المال.

الإنجاز السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. يتم توفير هذه المعلومات لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي تفسيرها على أنها نصيحة استثمارية.