الخميس Nov 7 2024 02:02
1 دقيقة
في اليوم التالي لفوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شهدت الأسواق العالمية تحركات حادة، تركزت بشكل خاص في أسواق السلع والعملات.
حيث تراجعت أسعار الذهب بشكل كبير لتسجل أعمق تراجع يومي لها منذ يونيو الماضي، بينما ارتفعت العملة الأمريكية (الدولار) بشكل غير مسبوق مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى. هذا التفاعل بين أسواق الذهب والدولار يعكس حالة من القلق والتوقعات بشأن السياسات الاقتصادية المحتملة تحت إدارة ترامب الثانية.
في ختام تعاملات يوم الأربعاء، سجلت العقود الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر تراجعًا كبيرًا بنسبة 2.65% أو 73.4 دولارًا، ليصل سعر الأوقية إلى 2676.30 دولارًا، بعد أن لامست في بعض اللحظات أدنى مستوى لها عند 2660.70 دولارًا. يعد هذا التراجع من أسوأ التراجعات اليومية التي شهدها الذهب في الأشهر الأخيرة. هذا الانخفاض جاء نتيجة لعدة عوامل رئيسية، بما في ذلك التوقعات بتغييرات في السياسات المالية والاقتصادية في الولايات المتحدة والتي تتوقع الأسواق أن يكون لها تأثير على أسعار الذهب.
عادة ما يُعتبر الذهب ملاذًا آمنًا في فترات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولكن في هذه الحالة، أثارت السياسات المتوقعة من إدارة ترامب موجة من التفاؤل في الأسواق الأخرى، مما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الذهب. في الوقت نفسه، يبدو أن الذهب يفقد بعض من بريقه في ظل ازدياد تفاؤل المستثمرين حول قوة الدولار.
من جهة أخرى، شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا في اليوم نفسه، حيث سجل مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من ست عملات رئيسية زيادة بنسبة 1.6%، ليصل إلى 105.09 نقطة. في بعض الأوقات، لامس الدولار 105.44 نقطة، محققًا أكبر زيادة يومية له منذ عام 2016. هذا الارتفاع الكبير يعكس زيادة في الطلب على الدولار نتيجة للتوقعات بأن سياسات ترامب الاقتصادية قد تدفع بالنمو الاقتصادي الأمريكي إلى مستويات أعلى على المدى القصير.
يرتبط هذا الارتفاع في الدولار أيضًا بزيادة التوقعات بارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة في ظل فوز ترامب. ففي ظل تعافي الاقتصاد الأمريكي، يتوقع البعض أن إدارة ترامب ستعزز السياسات النقدية الأكثر تشددًا، وهو ما يزيد من جاذبية الدولار مقابل العملات الأخرى.
تشير التوقعات إلى أن إدارة ترامب الثانية قد تسير على نفس خطى سياسته في فترة حكمه الأولى، التي تركزت حول خفض الضرائب، تحرير القيود التنظيمية، وزيادة الإنفاق الحكومي لتحفيز النمو الاقتصادي. هذه السياسات قد تكون مفيدة في رفع معدلات النمو على المدى القصير، لكن في الوقت نفسه قد تتسبب في زيادة العجز في الميزانية وارتفاع التضخم، وهو ما يؤدي إلى تقلبات أكبر في الأسواق المالية.
من المعروف أن ترامب قد تبنى سياسة تجارية قائمة على فرض التعريفات الجمركية على السلع الواردة، مما أدى إلى توتر العلاقات التجارية مع بعض الدول الكبرى. في حال استمر تطبيق هذه السياسات، قد تؤثر على تدفقات التجارة العالمية، مما يساهم في زيادة التقلبات في الأسواق، بما في ذلك أسواق الذهب والعملات.
تفاعل أسواق السلع والأسواق المالية مع فوز ترامب جاء بشكل متناقض. ففي الوقت الذي ارتفع فيه الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ، شهدت الأسواق الأخرى مثل الذهب تراجعات ملحوظة. حيث يعتقد الكثير من المستثمرين أن فوز ترامب قد يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة عبر مجموعة من السياسات التي قد تؤدي إلى رفع معدلات النمو في الاقتصاد. في المقابل، قد تدفع هذه السياسات التضخم إلى مستويات أعلى، وهو ما يزيد من الطلب على الدولار باعتباره عملة الاحتياطي العالمية.
من الجدير بالذكر أن الذهب غالبًا ما يعتبر ملاذًا آمنًا في الأوقات التي تشهد تقلبات اقتصادية أو سياسية. إلا أن فوز ترامب أسهم في تعزيز التفاؤل في الأسواق الأخرى، مما دفع الكثير من المستثمرين إلى تخفيف تعرضهم للذهب والاتجاه إلى استثمارات أخرى.
أسواق الأسهم، وخاصة في الولايات المتحدة، شهدت أيضًا رد فعل إيجابي بعد إعلان فوز ترامب. حيث ارتفعت المؤشرات الرئيسية مثل مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ومؤشر "ناسداك" بسبب التفاؤل بشأن السياسات الاقتصادية المتوقعة. المستثمرون كانوا يتوقعون أن تعزز سياسات ترامب الاقتصادية، مثل تخفيض الضرائب على الشركات وتخفيف القيود التنظيمية، أرباح الشركات وتزيد من فرص النمو في الأسواق الأمريكية.
ومع ذلك، يظل المستثمرون في حالة من الحذر، حيث يتوقع البعض أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم العجز في الميزانية وارتفاع التضخم، وهو ما قد يؤثر سلبًا على السوق في المستقبل. يبقى السؤال هو مدى قدرة ترامب على تنفيذ سياساته الاقتصادية بشكل فعال دون أن يؤدي ذلك إلى آثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الأمريكي.
تأثير فوز ترامب لم يقتصر فقط على الأسواق الأمريكية، بل امتد ليشمل الأسواق العالمية أيضًا. حيث شهدت أسواق السلع الأساسية مثل النفط تفاعلات ملحوظة، حيث ارتفعت أسعار النفط بعد فوز ترامب بسبب توقعات بتحفيز اقتصادي عالمي، خصوصًا في حال تنفيذ سياسات ترامب بشأن زيادة الإنفاق على البنية التحتية.
أيضًا، كان هناك تأثير على أسواق العملات في بعض الدول التي لديها علاقات تجارية وثيقة مع الولايات المتحدة، حيث تراجعت بعض العملات الرئيسية أمام الدولار بسبب التوقعات بنمو الاقتصاد الأمريكي وزيادة الطلب على العملة الأمريكية.
بينما تظل الأسواق المالية في حالة من الترقب، فإن معظم المحللين يعتقدون أن فوز ترامب سيؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسواق على المدى القصير. إلا أن المستقبل الاقتصادي سيعتمد على قدرة الإدارة الجديدة على تنفيذ سياساتها بشكل فعّال. من المتوقع أن تواصل الأسواق مراقبة تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي والتضخم، مع ترقب أي تحركات إضافية قد تؤثر على أسواق السلع والعملات.
في النهاية، سيكون من المهم بالنسبة للمستثمرين متابعة الوضع السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة بشكل دقيق لفهم التأثيرات المحتملة على الأسواق المالية في المستقبل.
عند النظر في الأسهم والمؤشرات والعملات الأجنبية والسلع للتداول والتنبؤات بالأسعار، تذكر أن تداول العقود مقابل الفروقات ينطوي على درجة كبيرة من المخاطر ويمكن أن يؤدي إلى خسارة رأس المال.
الإنجاز السابق لا يشير إلى أي نتائج مستقبلية. يتم توفير هذه المعلومات لأغراض إعلامية فقط ولا ينبغي تفسيرها على أنها نصيحة استثمارية.